سورة يونس - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} اختلفوا في هذه البشرى: رُوي عن عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {لهم البشرى في الحياة الدنيا}، قال: «هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، حدثني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات»، قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة».
وقيل: البشرى في الدنيا هي: الثناء الحسن، وفي الآخرة: الجنة.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا عبد الرزاق بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة عن أبي عمران الجوني قال: سمعت عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر: يا رسول الله الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس؟ قال: «تلك عاجل بشرى المؤمن». وأخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث عن يحيى بن يحيى عن حماد بن زيد عن أبي عمران، وقال: «ويحمده الناس عليه»..
وقال الزهري وقتادة: هي نزول الملائكة بالبشارة من الله تعالى عند الموت، قال الله تعالى: {تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت- 30].
وقال عطاء عن ابن عباس: البشرى في الدنيا، يريد: عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة، وفي الآخرة عند خروج نفس المؤمن، يُعْرَجُ بها إلى الله، ويُبشَّر برضوان الله.
وقال الحسن: هي ما بشَّر الله المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه، كقوله: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [البقرة- 25]، {وبشر المؤمنين} [الأحزاب- 47] {وأبشروا بالجنة} [فصلت- 30].
وقيل: بشَّرهم في الدنيا بالكتاب والرسول أنهم أولياء الله، ويبشرهم في القبور وفي كتب أعمالهم بالجنة.
{لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} لا تغيير لقوله، ولا خُلْفَ لوعده. {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.


{وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} يعني: قول المشركين تَمَّ الكلام هاهنا ثم ابتدأ، فقال: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ} يعني الغلبة والقدرة لله {جَمِيعًا} هو ناصرك، وناصر دينك، والمنتقم منهم.
قال سعيد بن المسيب: إن العزة لله جميعا يعني: أن الله يعز من يشاء، كما قال في آية أخرى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون- 8]، وعزة الرسول والمؤمنين بالله فهي كلها لله.
{هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
{أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ} هو استفهام معناه: وأي شيء يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء؟
وقيل: وما يتبعون حقيقة، لأنهم يعبدونها على ظن أنهم شركاء فيشفعون لنا، وليس على ما يظنون. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ} يظنون أنها تُقَرِّبهم إلى الله تعالى، {وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} يكذبون.
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} مضيئا يبصر فيه، كقولهم: ليل نائم وعيشة راضية. قال قطرب: تقول العرب: أظلم الليل وأضاء النهار وأبصر، أي: صار ذا ظلمة وضياء وبصر، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} سمعَ الاعتبار أنه مما لا يقدر عليه إلا عالم قادر.
{قَالُوا} يعني: المشركين، {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وهو قولهم الملائكة بنات الله، {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} عن خلقه، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ} عبيدا وملكًا، {إِنْ عِنْدَكُمْ} ما عندكم، {مِنْ سُلْطَانٍ} حجة وبرهان، و{من} صلة.
{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} لا ينجون، وقيل: لا يبقون في الدنيا ولكن:


{مَتَاعٌ} قليل يتمتعون به وبلاغ ينتفعون به إلى انقضاء آجالهم: و{متاع} رفع بإضمار، أي: هو متاع، {فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}.
قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} أي: اقرأ يا محمد على أهل مكة خبر نوح {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} وهم ولد قابيل، {يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ}عَظُم وثقل عليكم، {مَقَامِي} طول مكثي فيكم {وَتَذْكِيرِي} ووعظي إياكم {بِآيَاتِ اللَّهِ} بحججه وبيناته، فعزمتم على قتلي وطردي {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} أي: أحكموا أمركم واعْزِمُوا عليه، {وَشُرَكَاءَكُم} أي: وادعوا شركاءكم، أي: آلهتكم، فاستعينوا بها لتجتمع معكم.
وقال الزجاج: معناه: فأجمعوا أمركم مع شركائكم، فلما ترك مع انتصب. وقرأ يعقوب: {وشركاؤكم} رفع، أي: فأجمعوا أمركم أنتم وشركاؤكم.
{ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} أي: خفيا مبهما، من قولهم: غَمَّ الهلال على الناس، أي: أشكل عليهم، {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} أي: أمضوا ما في أنفسكم وافرغوا منه، يقال: قضى فلان إذا مات ومضى وقضى دينه إذا فرغ منه.
وقيل: معناه: توجَّهوا إليّ بالقتل والمكروه.
وقيل فاقضوا ما أنتم قاضون، وهذا مثل قول السحرة لفرعون: {فاقض ما أنت قاض} [طه- 72]، أي: اعمل ما أنت عامل.
{وَلا تُنْظِرُونِ} ولا تؤخرون وهذا على طريق التعجيز، أخبر الله عن نوح أنه كان واثقا بنصر الله تعالى غير خائف من كيد قومه، علمًا منه بأنهم وآلهتهم ليس إليهم نفع ولا ضر إلا أن يشاء الله.
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} أعرضتم عن قولي وقبول نصحي، {فَمَا سَأَلْتُكُمْ} على تبليغ الرسالة والدعوة، {مِنْ أَجْرٍ} جُعْل وعِوَض، {إِنْ أَجْرِيَ} ما أجري وثوابي، {إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي: من المؤمنين. وقيل: من المستسلمين لأمر الله.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11